فصل: تفسير الآية رقم (41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (39- 40):

{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في الآية. قال لما عرف نبي الله يوسف عليه السلام إن أحدهما مقتول، دعاهما إلى حظهما من ربهما وإلى نصيبهما من آخرتهما.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {يا صاحبي السجن} يوسف يقوله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} قال: أسس الدين على الإِخلاص لله وحده ولا شريك له.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {ذلك الدين القيم} قال العدل.

.تفسير الآية رقم (41):

{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)}
أخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال: أتاه فقال: رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبة من عنب، فنبتت فخرج فيه عناقيد فعصرتهن، ثم سقيتهن الملك. فقال: تمكث في السجن ثلاثة أيام، ثم تخرج فتسقيه خمراً.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {فيسقي ربه خمراً} قال: سيده.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما رأى صاحبا سجن يوسف عليه السلام شيئاً، إنما تحاكما إليه ليجرّبا علمه، فلما أوّل رؤياهما قالا: إنما كنا نلعب ولم نر شيئاً، فقال: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} يقول: وقعت العبارة، فصار الأمر على ما عبر يوسف عليه السلام.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ، عن أبي مجلز رضي الله عنه قال: كان أحد اللذين قصا على يوسف الرؤيا كاذباً.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} قال عند قولهما: ما رأينا رؤيا، إنما كنا نلعب. قال: قد وقعت الرؤيا على ما أوّلت.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: قال يوسف عليه السلام للخباز: إنك تصلب، فتأكل الطير من رأسك. وقال لساقيه: أما أنت، فترد على عملك، فذكر لنا أنهما قالا حين عبر: لم نر شيئاً. قال: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه، أنه قرأ {أما أحدكما فيسقي ربه خمراً}.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)}
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن سابط رضي الله عنه {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} قال: عند ملك الأرض.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {اذكرني عند ربك} يعني بذلك الملك.
وأخرج ابن جرير، عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال لما انتهى به إلى باب السجن، قال له: اوصني بحاجتك. قال: حاجتي أن تذكرني عند ربك. ينوي الرب الذي ملك يوسف عليه السلام.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقال للذي ظن أنه ناج} قال إنما عبارة الرؤيا بالظن، فَيُحِقُّ الله ما يشاء ويبطل ما يشاء.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يقل يوسف عليه السلام الكلمة التي قال: ما لبث في السجن طول ما لبث. حيث يبتغي الفرج من عند غير الله تعالى».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ، عن عكرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أنه يعني يوسف قال الكلمة التي قال، ما لبث في السجن طول ما لبث».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله يوسف، لو لم يقل: اذكرني عند ربك، ما لبث في السجن طول ما لبث».
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث، قوله اذكرني عند ربك» ثم بكى الحسن رضي الله عنه وقال: نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن يوسف استشفع على ربه، ما لبث في السجن طول ما لبث. ولكن، إنما عوقب باستشفاعه على ربه».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن أنس رضي الله عنه قال: أوحى إلى يوسف: من استنقذك من القتل حين همَّ اخوتك أن يقتلوك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن استنقذك من الجب إذ ألقوك فيه؟ قال: أنت يا رب.
قال: فمن استنقذك من المرأة إذ هممت بها؟ قال: أنت يا رب. قال: فما لك نسيتني وذكرت آدمياً؟ قال: جزعاً، وكلمة تكلم بها لساني. قال: فوعزتي، لأخلدنك في السجن بضع سنين. فلبث في السجن بضع سنين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه قال: لما قال يوسف عليه السلام للساقي: اذكرني عند ربك، قيل له يا يوسف، اتخذت من دوني وكيلاً؟ لأطيلن حبسك: فبكى يوسف عليه السلام وقال: يا رب، تشاغل قلبي من كثرة البلوى فقلت كلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} قال يوسف للذي نجا من صاحبي السجن: اذكرني للملك، فلم يذكره حتى رأى الملك الرؤيا، وذلك أن يوسف أنساه الشيطان ذكر ربه وأمره بذكر الملك وابتغاء الفرج من عنده، فلبث في السجن بضع سنين عقوبة لقوله: {اذكرني عند ربك}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلبث في السجن بضع سنين} قال: بلغنا أنه لبث في السجن سبع سنين.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: أصاب أيوب عليه السلام البلاء سبع سنين، وترك يوسف عليه السلام في السجن سبع سنين، وعذب بخت نصر خون في السباع سبع سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلبث في السجن بضع سنين} اثنتي عشرة سنة.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش، عن الكلبي رضي الله عنه قال: قال يوسف عليه السلام كلمة واحدة، حبس بها سبع سنين قال أبو بكر: وحبس قبل ذلك خمس سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن طاوس والضحاك في قوله: {فلبث في السجن بضع سنين} قالا أربع عشرة سنة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: البضع، ما بين الثلاث إلى التسع.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: البضع، ما بين الثلاث إلى التسع.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: البضع دون العشرة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات: قوله اذكرني عند ربك، وقوله لإخوته إنكم لسارقون، وقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب. فقال له جبريل عليه السلام: ولا حين هممت؟ فقال: وما أبرئ نفسي.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: ذهب يوسف عليه السلام وهو ابن سبع عشرة ولبث في الجب سبعاً، وفي السجن سبعاً، وجمع الطعام في سبع، فيرون أنه التقى هو وأبوه عند ذلك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المليح رضي الله عنه قال: كان دعاء يوسف عليه السلام في السجن اللهم إن كان خلق وجهي عندك، فإني أتقرب إليك بوجه يعقوب أن تجعل لي فرجاً ومخرجاً ويسراً، وترزقني من حيث لا أحتسب.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن عبد الله مؤذن الطائف قال: جاء جبريل عليه السلام إلى يوسف عليه السلام فقال: يا يوسف، اشتد عليك الحبس؟ قال نعم. قال: قل اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني من أمر دنياي وأمر آخرتي فرجاً ومخرجاً، وارزقني من حيث لا أحتسب، واغفر لي ذنبي وثبت رجائي، واقطعه من سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك.

.تفسير الآيات (43- 46):

{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)}
أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه قال: قال يوسف عليه الصلاة والسلام للساقي {اذكرني عند ربك} أي الملك الأعظم، ومظلمتي وحبسي في غير شيء. قال: أفعل. فلما خرج الساقي، رد على ما كان عليه رضي عنه صاحبه، وانساه الشيطان ذكر الملك الذي أمره يوسف عليه السلام أن يذكره له، فلبث يوسف عليه السلام بعد ذلك في السجن بضع سنين، ثم إن الملك ريان بن الوليد، رأى رؤياه التي أري فيها فهالته وعرف أنها رؤيا واقعة، ولم يدر ما تأويلها فقال للملأ حوله من أهل مملكته {إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} فلما سمع نبوا من الملك ما سمع منه ومسألته عن تأويلها، ذكر يوسف عليه السلام وما كان عبر له ولصاحبه، وما جاء من ذلك على ما قال من قوله، فقال: {أنا أنبئكم بتأويله}.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أضغاث أحلام} قال: من الأحلام الكاذبة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه مثله.
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أضغاث أحلام} قال: أخلاط أحلام.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وادّكر بعد أمة} قال: بعد حين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والحسن وعكرمة وعبد الله بن كثير والسدي {رضي الله تعالى عنهم} مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وادّكر بعد أمة} يقول: بعد سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {وادّكر بعد أمة} يقول: بعد سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ {وادّكر بعد أمة} قال: بعد أمة من الناس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قرأ {وادكر بعد أمة} بالفتح والتخفيف، يقول بعد نسيان.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك- رضي الله عنهم- أنهم قرأوا {بعد أمة} أي بعد نسيان.
وأخرج ابن جرير عن حميد رضي الله عنه قال: قرأ مجاهد رضي الله عنه {وادّكر بعد أمة} مجزومة مخففة.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال في قراءة أبي بن كعب {أنا آتيكم بتأويله}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه أنه كان يقرأ {أنا آتيكم بتأويله} فقيل له: أنا انبئكم. قال: أهو كان ينبئهم؟
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أفتنا في سبع بقرات...} الآية. قال:
أما السمان، فسنون فيها خصب. وأما السبع العجاف، فسنون مجدبة. وسبع سنبلات خضر، هي السنون المخاصيب، تخرج الأرض نباتها وزرعها وثمارها. وأخر يابسات، المحول الجدوب لا تنبت شيئاً.